قنابل مملوءة بغاز الخردل، العراق
عادة ما يُعَرَّف سلاح الدمار الشامل على أنه أي سلاح نووي أو بيولوجي أو كيماوي.
تُستخدَم الأسلحة البيولوجية والكيماوية منذ آلاف السنين.
وتُسَهِّل التقنيات الحديثة من جعل هذه الأسلحة متاحة لعدد من الناس أكثر بكثير من ذي قبل، كما تزيد من قدرتها على إيقاع خسائر أكبر بالأرواح.
إن الأسلحة النووية قادرة على تدمير مدن بأكملها عن بكرة أبيها وقتل وجرح الملايين من البشر.
يمكن إطلاق أسلحة الدمار الشامل باستخدام الصواريخ الباليستية أو صواريخ كروز أو الطائرات أو المدفعية أو المَرْكبات الأرضية.
تُوَلِّد الأسلحة النووية قدرا هائلا من الطاقة المتفجرة التي تنجم عن التغيرات التي تقع في تركيب نواة المواد المُشعَّة. وتُسبِّب الأسلحة النووية خسائر كارثية، بداية بسبب درجات الحرارة العالية والصدمات الأرضية التي تسببها وبعد ذلك بسبب الإشعاع الذي يمتد أثره لسنوات كثيرة.
أما الأسلحة البيولوجية فهي تنشر الأمراض المعدية التي من بينها البكتيريا الضارة مثل الجمرة الخبيثة والفيروسات مثل وباء الجدري والمواد السامة مثل الرايسين. وقد زادت التطورات الحادثة في علم الهندسة الوراثية من الخطر الماثل بهذه الأسلحة حيث أصبح من الممكن تطويرها وتعديلها بحيث تصبح أكثر فتكا وقدرة على البقاء والتكاثر. والكثير من هذه الأمراض تؤدي إلى الوفاة في غضون أيام قليلة.
وتُوظـِّف الأسلحة الكيماوية الخواص السامة للمواد الكيميائية في إلحاق الأذى بالبشر. ومن بين هذه الأسلحة غاز الخردل (الذي استُخدِم في الحرب بين العراق وإيران على نطاق واسع) والغازات المتلفة للجهاز العصبي مثل غاز السارين أو "في إكس". وتُعيق الوسائط العصبية تدفق الإنزيمات بالجسم مما يؤدي إلى فقدان التحكم بالعضلات وفشل الجهاز التنفسي ومن ثم الوفاة.
وقد كان لدى العراق برامج متقدمة لتصنيع الأسلحة البيولوجية والكيماوية والتي كان قد تم تفكيك جانب منها عقب حرب الخليج من قبل مفتشي الأسلحة. كما فكك المفتشون أيضا برنامج العراق النووي الذي كان ما يزال في مهده.
وعندما أُجبِر المفتشون على مغادرة العراق بالفعل في عام 1998، لم يتمكنوا من رصد كميات كبيرة من المواد التي يمكن أن تُستَخدم في تصنيع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.
ومنذ عام 1998 توافرت بعض الأدلة على أن النظام العراقي قد أعاد استدعاء خبراءه في مجال الأسلحة النووية بهدف بدء العمل على إنشاء برنامج نووي جديد كما حاول الحصول على مواد وتقنيات نووية.
كانت أسلحة الدمار الشامل أساسية في الحكم الدكتاتوري لصدام حسين منذ الثمانينيات. وفي عام 1988 استخدم النظام الأسلحة الكيماوية لإبادة آلاف المدنيين العراقيين. وفي التسعينيات كشف مفتشو الأسلحة التابعون للأمم المتحدة عن أدلة لوجود صواريخ باليستية وبرامج لتطوير الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية في العراق. لكن العراق منعهم من استكشاف مدى هذه البرامج، واتبع برنامجا معقدا للخداع والإخفاء. وبعد أن أجبر مفتشو الأسلحة التابعون للأمم المتحدة على مغادرة العراق عام 1998، أوضح "تقرير بتلر" الصادر في 29 يناير (كانون ثاني) 1999 بأنه لم يتم بعد الإفصاح عن مصير آلاف الأطنان من مواد الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. واستمرت المعلومات تفد إلينا حول جهود العراق للتعجيل بهذه البرامج المحظورة.
وفي شهر نوفمبر (تشرين ثاني) 2002 تبنى مجلس الأمن بالإجماع قراره رقم 1441، حيث عبرت جميع الدول الأعضاء بمجلس الأمن عن اعتقادها بأن العراق لم يلتزم بقرارات مجلس الأمن، بما فيها القرارات المتعلقة بنزع الأسلحة، وأنه عمل على تطوير أسلحة الدمار الشامل والصواريخ بعيدة المدى التي تشكل تهديدا للسلام والأمن العالميين.
وعقب عودة مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة إلى العراق في 27 نوفمبر (تشرين ثاني) 2002، أوضحت التقارير التي رفعوها لمجلس الأمن بأن تعاون العراق لم يكن تاما ولا فوريا. وتصريح العراق الذي تقدم به في 7 ديسمبر (كانون أول) 2002 كان غير تام، تماما كما كانت جميع تصريحاته "التامة والنهائية" السابقة.
الوثيقة التي أصدرها مفتشو الأسلحة في 7 مارس (آذار) 2003، والتي أطلق عليها اسم "]وثيقة المجموعات" (باللغة الإنجليزية) بشأن القضايا المعلقة حول نزع الأسلحة، بيّنت تملص وخداع العراق، وتظاهره بالتعاون بينما كان في الحقيقة يتابع سياسة غير ناجحة في الإخفاء. قدمت هذه الوثيقة تفصيلا لما لا يقل عن 29 حالة أخفق العراق فيها بتقديم دليل يمكن تصديقه، و17 مرة على الأقل حين كشف المفتشون عن دليل يناقض التقرير الرسمي للعراق.
ماذا وجد فريق التحقيق في العراق؟
يؤكد ]تقرير فريق التحقيق في العراق(باللغة الإنجليزية)، الذي نشر في 6 أكتوبر (تشرين أول) 2004، أنه لا يوجد مخزون لأسلحة الدمار الشامل في العراق. لكن يبين التقرير بشكل جلي عزم صدام على استئناف برامجه لإنتاج أسلحة الدمار الشامل بمجرد رفع العقوبات التي فرضت عليه.
هذا التقرير مبتكر من حيث أنه قدم دليلا جديدا تفصيليا يبين بأن صدام كان بالفعل يشكل تهديدا للمجتمع الدولي كما يلي:
· يبين بأن صدام لم يتخل يوما عن نواياه لاستئناف جهود تطوير الأسلحة الكيماوية لدى رفع العقوبات؛
· يبين بأن صدام خرق عدة قرارات صادرة عن مجلس الأمن، واحتفظ بالقدرات الفكرية لاستئناف برامج أسلحة الدمار الشامل حالما أمكنه ذلك؛
· كان يطبق لهذا الغرض سياسة عدائية لإفشال برنامج الأمم المتحدة للنفط مقابل الغذاء والإطاحة بالعقوبات الدولية؛
· كانت سياسته الرامية لرفع العقوبات تحقق النجاح؛
· العقوبات - وبالتالي سياسة الاحتواء - كانت تتداعى؛
· كانت العراق قريبا جدا من التوصل فعليا لرفع العقوبات المفروضة عليه.
إقرأ النص الكامل ]لتصريح وزير الخارجية حول تقرير فريق التحقيق في العراق.
وفي شهر مارس (آذار) 2005 عاود المستشار الخاص لمدير الاستخبارات المركزية الأمريكية تقريره الشامل الذي كان قد صدر في شهر سبتمبر (أيلول) 2004، إضافة إلى ستة ملاحق للتقرير، وهي لا تتضمن تعديلا كبيرا لما توصل إليه التقرير السابق.
هل سيستمر عمل فريق التحقيق في العراق؟
تم رسميا حل فريق التحقيق في العراق، إلاّ أن الهيئة التي حلت محله سوف تضم فريقا مصغرا لمتابعة تقارير محددة تتعلق بأسلحة الدمار الشامل.
وسوف تستمر أي تحقيقات في برامج سابقة من برامج أسلحة الدمار الشامل تحت رعاية الحكومة العراقية الانتقالية، وبمساعدة القوات متعددة الجنسيات في العراق. وستستمر المملكة المتحدة بدعم جهود الحكومة العراقية حيثما أمكن.
دور مفتشي الأمم المتحدة عن الأسلحة مستقبلا
ندرك الرغبة بوجود إثبات موثوق ومستقل حول نزع أسلحة العراق ومراقبته على المدى الطويل. إلا أن البيئة والظروف التي كانت سائدة قبل الحرب تختلف تماما عن الوضع الحالي. فقد أوضح مجلس الأمن، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1546، بأنه سيعمل على مراجعة المهام التي كلفت بها لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش (أنموفيك) والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وندرس حاليا الموقف الذي ستتخذه المملكة المتحدة بهذا الشأن.